عرض مشاركة واحدة
   
قديم 05-09-2007, 02:00 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو

الصورة الرمزية أميـرالقوافــل

إحصائية العضو






أميـرالقوافــل is on a distinguished road

 

أميـرالقوافــل غير متواجد حالياً

 



الاوسمة

كاتب الموضوع : أميـرالقوافــل المنتدى : قوافل المذاهــب السنية
افتراضي يتبع المذاهب الاربعة

المسْلم غير ملزم باتباع أحد المذاهب الأربعة:

هذا وقد ذكر بعض علماء أهل السنة في كتبهم ما يضيء الدرب أمام مَن التزم باتباع مذهب معين، فشدَّدوا في الإرشاد، وأبلغوا في النصح، لعل شيئاً منها يجد أذناً صاغية أو قلباً واعياً.

وإليك بعض كلماتهم:

قال ابن عبد البر: يقال لمن قال بالتقليد: لِمَ قلتَ به وخالفتَ السلف في ذلك، فإنهم لم يقلّدوا؟

فإن قال: قلَّدتُ لأن كتاب الله جل وعزّ لا علم لي بتأويله، وسُنّة رسوله لم أحصها، والذي قلّدته قد علم ذلك، فقلّدت مَن هو أعلم مني.

قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سُنّة عن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق، لا شك فيه، ولكن اختلفوا فيما قلّدت فيه بعضهم دون بعض، فما حُجّتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم، ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه.

فإن قال: قلّدته لأني علمت أنه صواب. قيل له: علمتَ ذلك بدليل من كتاب أو سُنّة أو إجماع، فقد أَبطَلَ التقليد، وطولب بما ادّعاه من الدليل.

وإن قال: قلّدته لأنه أعلم مني. قيل له: فقلّد كل من هو أعلم منك، فإنك تجد خلقاً كثيراً، ولا تخص مَن قلّدته، إذ علّتك فيه أنه أعلم منك.

فإن قال: قلّدته لأنه أعلم الناس. قيل له: فهو إذن أعلم من الصحابة. وكفى بقول مثل هذا قبحاً.

وإن قال: إنما أقلّد بعض الصحابة. قيل له: فما حُجّتك في ترك مَن لم يُقلَّد منهم، ولعل مَن تركتَ قوله منهم أفضل ممن أخذت بقوله. على أن القول لا يصح لفضل قائله، وإنما يصح بدلالة الدليل عليه(99).

وقال ابن حزم: إن العجب ليطول ممن اختار أخذ أقوال إنسان بعينه لم يصحبه من الله عز وجل معجزة، ولا ظهرت عليه آية، ولا شهد الله له بالعصمة عن الخطأ، ولا بالولاية. وأعجب من ذلك إن كان مِن التابعين فمَن دونهم، ممن لا يُقطع على غيب إسلامه(100)، ولا بِيَد مقلِّده أكثر من حسن الظن به، وأنه في ظاهر أمره فاضل من أفاضل المسلمين، لا يقطع له على غيره من الناس بفضل، ولا يشهد له على نُظرائه بسبق، إن هو إلا الضلال المبين(101).

ثم قال: ثم ننحط في سؤالهم درجة فنقول: ما الذي دعاكم إلى التهالك على قول مالك وابن القاسم؟ فهلاّ تبعتم قول عمر بن الخطاب وابنه فتهالكتم عليها؟ فهما أعلم وأفضل من مالك وابن القاسم عند الله عز وجل بلا شك.

ونقول للحنفيين: ما الذي حملكم على التماوت على قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن؟ فهلاّ طلبتم أقوال عبد الله بن مسعود وعلي فتماوتّم عليها؟ فهما أفضل وأعلم من أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن عند الله تعالى بلا شك.

ونقول لمَن قلّد الشافعي رحمه الله: ألم ينهكم عن تقليده وأمركم باتباع كلام النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) حيث صحّ؟ فهلاّ اتبعتموه في هذه القولة الصادقة التي لا يحل خلافها لأحد؟(102) وقال ابن القيم: نقول: أخذتم بقول فلان لأن فلاناً قاله؟ أو لأن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قاله؟

فإن قلتم: (لأن فلاناً قاله) جعلتم قول فلان حُجّة، وهذا عين الباطل. وإن قلتم: (لأن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) قاله) كان هذا أعظم وأقبح، فإنه مع تضمّنه للكذب على رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) وتقويلكم عليه ما لم يقله، هو أيضاً كذب على المتبوع، فإنه لم يقُل: هذا قول رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم. فقد دار قولكم بين أمرين لا ثالث لهما: إما جعل قول غير المعصوم حجّة، وإما تقويل المعصوم ما لم يقُله، ولا بد من واحد من الأمرين.

فإن قلتم: بل منهما بُد، وبقي قسم ثالث، وهو أنا قلنا كذا، لأن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) أمرَنا أن نتّبع مَن هو أعلم منا، ونسأل أهل الذِّكر إن كنا لا نعلم، ونرُدّ ما لم نعلمه إلى استنباط أولي العلم، فنحن في ذلك متَّبِعون ما أمَرَنا به نبيّنا.

قيل: وهل نُدَنْدِن إلا حول اتّباع أمره (صلى الله عليه وآله] وسلم)، بالموافقة على هذا الأصل الذي لا يتم الإيمان والإسلام إلا به، فنُناشدكم بالذي أرسله: إذا جاء أمره وجاء أمر مَن قلّدتموه، هل تتركون قوله لأمره (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، وتضربون به الحائط، وتحرِّمون الأخذ به والحالة هذه، حتى تتحقق المتابعة كما زعمتم، أم تأخذون بقوله، وتفوِّضون أمر الرسول (صلى الله عليه [وآله] وسلم) إلى الله، وتقولون: هو أعلم برسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) منا، ولم يخالف هذا الحديث إلا وهو عنده منسوخ أو مُعارَض بما هو أقوى منه، أو غير صحيح عنده. فتجعلون قول المتبوع مُحْكَماً، وقول الرسول متشابِهاً، فلو كنتم قائلين بقوله لكون الرسول أمركم بالأخذ بقوله، لقدَّمتم قول الرسول أين كان.

وقال: إن ما ذكرتم بعينه حُجّة عليكم، فإن الله سبحانه أمر بسؤال أهل الذِّكر، والذكر هو القرآن والحديث... فهذا هو الذِّكر الذي أمرنا الله باتباعه، وأمر مَن لا عِلم عنده أن يسأل أهله، وهذا هو الواجب على كل أحد أن يسأل أهل العلم بالذِّكر الذي أنزله الله على رسوله ليُخبروه به، فإذا أخبروه به لم يسعه غير اتباعه، وهذا كان شأن أئمة أهل العلم، لم يكن فيهم مقلِّد معيَّن يتّبعونه في كل ما قال، فكان عبد الله بن عباس يسأل الصحابة عما قاله رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) أو فعَله أو سَنَّه، لا يسألهم عن غير ذلك، وكذلك الصحابة... وكذلك التابعون كانوا يسألون الصحابة عن شأن نبيّهم فقط، وكذلك أئمة الفقه... ولم يكن أحد من أهل العلم قط يسأل عن رأي رجل بعينه ومذهبه، فيأخذ به وحده، ويخالف له ما سواه(103).

وقال الشيخ محمد حياة السندي: من تعصّب لواحد معين غير الرسول (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، ويرى أن قوله هو الصواب الذي يجب اتباعه دون الأئمة الآخرين فهو: ضال جاهل، بل قد يكون كافراً يستتاب، فإن تاب وإلا قُتل. فإنه متى اعتقد أنه يجب على الناس اتباع واحد معين من الأئمة رضي الله عنهم دون الآخرين، فقد جعله بمنزلة رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، وذلك كفر(104).

هذا قليل من كثير قالوه في مسألة عدم جواز اتباع واحد من المذاهب المعروفة، الأربعة وغيرها، ولو شئنا استقصاءه لخرجنا عن الموضوع، ولكن فيما ذكرناه كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، والحمد لله رب العالمين.


خلاصة البحث:

لقد اتّضح مما تقدم أمور:

1 ـ أن المذاهب إنما هي أمور مستحدثة، أُحدثت بعد زمان النبي (صلى الله عليه وآله) بأكثر من قرن من الزمان. ولم يرِد نصّ من رسول الله (صلى الله عليه وآله) على جواز التعبد بأي منها. وكل ما روي في فضلهم فلا يعدو أن يكون أحاديث موضوعة أو أحلام مكذوبة.

2 ـ أن علماء أهل السنّة نصّوا على عدم جواز التقليد في الدين، وعدم جواز التعبد بأي مذهب من المذاهب الأربعة وغيرها، وأكّدوا أن وظيفة العامي هي اتباع كتاب الله وسُنة رسوله (صلى الله عليه وآله)، ولا يجوز له أن يأخذ دِينه من الرجال.

3 ـ أن أئمة المذاهب الأربعة نهوا عن تقليدهم، وأمروا بعرض ما يُنقل من فتاواهم على كتاب الله وسُنة رسوله (صلى الله عليه وآله)، فما وافقها يؤخذ، وما خالفها يُطرح.

4 ـ أن الأئمة الأربعة رجال غير معصومين، لهم عثرات وأخطاء، وقد طعَن فيهم مَن طعن، بحق أو بغير حق.

فبعد هذا كله نسأل أهل السنّة: هل يجوز التعبد بهذه المذاهب المستحدثة، وهل تبرأ ذمّة المكلف باتباع واحد منها؟

لقد أجاب ابن حزم على هذا السؤال، فقال: وأما مَن أخذ برأي أبي حنيفة أو رأي مالك أو غيرهما، فقد أخذ بما لم يأمره الله تعالى قط بالأخذ به، وهذه معصية لا طاعة(105).

وقال السيد محمد باقر الحجة:

قَلَّدْتُمُ النعمـانَ أو محمــدا أو مالـكَ بنَ أنسٍ أو أحمــدا

فهل أتى الذِّكرُ به أو وصَّى به النبي، أو وجدتم نصَّا؟(106)

( ومِن الناس مَن يَتَّخِذ مِن دون الله أَندادًا يُحِبُّونهم كَحُبِّ الله والذين آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لله وَلَو يَرَى الذين ظَلَمُوا إذ يَرَون العذاب أَنَّ القُوَّة لله جميعًا وأَنَّ الله شديد العذاب * إذ تَبَرَّأَ الذين اتُّبِعُوا مِن الذين اتَّبَعُوا ورأَوا العذاب وَتَقَطَّعَتْ بهم الأَسْباب * وقال الذين اتَّبَعُوا لو أَنَّ لنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ منهم كما تَبَرَّءُوا منَّا كذلك يُرِيهم الله أَعمالهم حَسَرَاتٍ عليهم وما هُم بِخَارِجين من النَّار * يا أَيّها الناس كُلُوا مِمَّا في الأَرض حلالاً طَيِّبًا ولا تَتَّبِعُوا خُطُوات الشَّيطان إِنَّه لكم عَدُوٌّ مُبين * إِنَّمَا يأْمركم بالسُّوء والفحشاء وأَنْ تقولوا على الله ما لا تَعْلَمون * وإذا قِيلَ لَهُم اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ الله قَالوا بَل نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنَا عليه آباءنا أَوَلَو كان آباؤهم لا يَعْقِلُونَ شيئًا ولا يَهْتَدُون)[سورة البقرة: الآية 165 ـ 170].


يتبع







رد مع اقتباس